رأيتها0(معدلة)0

كان يوما متعبا..عدت من الجامعة مجهدا ,ولم أكد أدخل المنزل حتى ألقيت نفسي في مضجعي لآخذ قسطا من الراحة ,يبدو أن الإجهاد يلعب لعبته الأبدية الماكرة, فأغلقت أبواب عيني وهدأت وتيرة دقات قلبي ,وانبرى العقل الباطن يفتش بين جيوبه على همومي ومشكلاتي ليطرحها في تلك الأحلام المضطربة غير المتناسقة التي سرعان ماينساها المرء حالما يفيق من موته الأصغر ,إلا أن عقلي هذه المرة -سامحه الله -أبى إلا أن يأخذ أكبر همومي على الإطلاق ليطرحه في هذا الحلم..لا ..لم يكن حلما ..كان رؤيا ,وهناك ..رأيتها00

نعم رأيتها 00ورغم أني لا أعلم أين كانت هناك هذه إلا أن كل ما أعرفه أن كل شيء كان مخضبا بالبياض ..كفضاء سرمدي تلاشى منه السواد ولم يبقى إلا هذا اللون الناصع الطاهر ,وكانت هناك واقفة في استحياء كأجمل درة خلقها الله في هذا الكون ؛بشعرها الأسود الفاحم الكثيف شديد النعومة ,وبشرتها الخمرية الرائعة ,وعيناها الحوراوين شديدتا السواد والبياض ,وذلك الرداء الأبيض الذي بدا وكأنه نبت من الفضاء المحيط ..لا يظهر إلا رأسها ويديها ..تلك التي حوت اليمنى منها ذلك الخاتم الذهبي الذي بدا في نوره كشمش صغيرة تشع في هذا الفضاء الأبيض ..لم استطع النظر إليها مباشرة من فرط الجمال الذي هو أشد روعة من أن يحتمله أحد ,لكنها نظرت تلك النظرة العجيبة التي مزج فيها ذلك الخليط الرائع من حنان الأم وعشق العاشقة المعشوقة ..هنا لم أحتمل ..جريت نحوها, واحتضنتني ..دفنت رأسي في صدرها وأجهشت بالبكاء ..أفرغت كل همومي في دموعي الحارة وهي تحتضنني مبتسمة في حنان ..اييييه لم أشعر بمثل هذا الحنان من قبل ولا بمثل هذا العشق00

وفجأة شعرت بشيء غريب لم تكن هي تلك الفتاة الفاتنة الحنونة ,لقد تغيرت.. احدودب ظهرها ,وشاخت ملامحها, وابيض معظم شعرها ,فأضحت عجوز شمطاء حملت ملامح مسخ مرعبة..لم أصدق عيني ..تركتها وجريت بعيدا وجريت و جريت و000

(بسم الله الرحمن الرحيم)

قلتها عندما استيقظت من نومي مفزوعا ,ونظرت إلى الساعة ..ماهذا لم أنم إلا دقائق معدودة فقط؟..قمت من مضجعي لاعنا تلك الكوابيس المزعجة التي تحرم المرء من النوم والراحة..وما إن استندت إلى حافته إذ أحسست شيئا ما, ما إن رفعته إلى عيني حتى صدمت ..إنه الخاتم الذهبي..قلبته بي يدي فوجدت في أحد جوانبه كتابة بخط صغير رائع ..قربته مني ..وما إن تبينت الكتابة حتى ابتسمت ..كان غريبا أن أرى مصر في أحلامي بهذا الشكل 00دارت بنفسي

العديد من الخواطر والشجون ,إلا أني طرحت كل هذا جانبا وخرجت من غرفتي لأتناول طعام الغذاء مع أسرتي متحسسا ذلك الخاتم في قبضة يدي ,وفجأة.. لم استشعر الخاتم, فبسطت راحة يدي ..لقد اختفى ..ابتسمت مرة أخرى ..ابتسمت كثيرا هذا اليوم -على غير العادة- لقد عاد إلى يد صاحبته ..التي رأيتها ..هناك0